فصل: (الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

فِي النَّوَازِل دَفَعَ سَيْفًا إلَى صَيْقَلِيٍّ لِيَصْقُلَهُ وَدَفَعَ الْجَفْنَ مَعَهُ فَسُرِقَ لَا يَضْمَنُ الْجَفْنَ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي فَوَائِدِ جَدِّي شَيْخِ الْإِسْلَامِ بُرْهَانِ الدِّينِ دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى وَرَّاقٍ لِيُجَلِّدَهُ فَسَافَرَ بِهِ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ نَعَمْ قَالَ عَمِّي نِظَامُ الدِّينِ وَقَدْ أَجَبْت أَنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحِفْظِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ إلَى فِقْهٍ حَسَنٍ وَقَالَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَجْرٍ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّةَ عَقْدٌ حَتَّى يَتَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَفِي الْوَدِيعَةِ بِأَجْرٍ إنَّمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ وَهَهُنَا مَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ ضِمْنًا فِي الِاسْتِئْجَارِ وَفِي الْإِجَارَةِ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا فَلِذَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
أَعْطَى صَائِغًا ذَهَبًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ سِوَارًا مَنْسُوجًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِ نَسْجٌ فَطَوَّلَ الذَّهَبَ وَأَعْطَاهُ مَنْ يَنْسِجُهُ فَسُرِقَ مِنْهُ فَلَوْ أَعْطَاهُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهِ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَجِيرَهُ أَوْ تِلْمِيذَهُ خُيِّرَ مَالِكُهُ وَضَمَّنَ أَيُّهُمَا شَاءَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَلَوْ ذَكَرَ الثَّانِي أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ بَعْدَ عَمَلِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَمَّا مَا دَامَ فِي عَمَلِهِ فَيَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.
الرَّدُّ فِي الْأَجِير الْمُشْتَرَكِ نَحْوِ الْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ وَالنَّسَّاجِ عَلَى الْأَجِيرِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَفَرَغَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
يَتِيم بَانَ أَجِير مُشْتَرَكٌ حَتَّى لَوْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْ الْيَتِيمِ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَهَذَا إذَا ضَاعَ مِنْ خَارِجِ الْحُجْرَةِ فَإِنْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْ دَاخِلِ الْحُجْرَةِ بِأَنْ نَقَبَ اللِّصُّ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
النَّخَّاسُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى لَوْ ضَاعَتْ جَارِيَةٌ أَوْ ضَاعَ غُلَامٌ مِنْهُ لَا بِصُنْعِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الدَّلَّالُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَوْ دَفَعَ الدَّلَّالُ الثَّوْبَ إلَى رَجُلٍ لِيَرَاهُ وَيَشْتَرِيَ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّلَّالِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الدَّلَّالِ ثَوْبٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَذَا مَالِي سُرِقَ مِنِّي فَدَفَعَ الدَّلَّالُ ذَلِكَ إلَى مَنْ أَعْطَاهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ إبْرَيْسَمًا لِيَصْبُغَهُ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ لَا تَصْبُغْ إبْرِيسَمِي وَرُدَّهُ عَلَيَّ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْفَعْهُ ثُمَّ هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ الصَّبَّاغُ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّوَاءَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خَرْقٍ فَعَلَهُ وَقَالَ رَجُلَانِ هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ وَفِي جِنَايَاتِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْكَحَّالِ دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ الْبَصَرُ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْإِجَارَةِ):

إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا بِعَيْنِهَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَفَعَلَ فَالْآجِرُ يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِالْأُجْرَةِ وَالْوَكِيلُ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُوَكِّلَ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْآجِرُ وَإِذَا وُهِبَ الْآجِرُ مِنْ الْوَكِيلِ صَحَّ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ الطَّوِيلَةِ يُطَالِبُ بِمَالِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْفَسْخِ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَقِيلَ كَانَ يُفْتِي بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُمْ الرُّجُوعَ وَالْإِفْتَاءَ بِالْجَوَازِ.
كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
الْمُوَكِّلُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَفَاسَخَا يَنْفَسِخُ وَهَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَالِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ بَدِيعُ الدِّينِ لَا لِأَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّهِ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ آجَرَ أَرْضَ رَجُلٍ فَسَمِعَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أُجِيزُ هَذَا الْعَقْدَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَجَزْته هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا فَقَالَ إنْ رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَهُ مِنْ بَعْدُ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا رَدَّ الْعَقْدَ عِنْدَنَا.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْوَكِيلُ بِاسْتِئْجَارِ دَارٍ بِعَيْنِهَا بِعَشَرَةٍ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَدَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَالَ إنَّمَا اسْتَأْجَرْتهَا بِعَشَرَةٍ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْوَكِيلِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الدَّارِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

.(الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ بِبُخَارَى):

الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ بِبُخَارَى أَنَّهُمْ يُؤَجِّرُونَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ سَنَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً أَجْرًا قَلِيلًا وَبَقِيَّةُ الْأَجْرِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهَا قِيلَ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَاحِدَةٌ شُرِطَ فِيهَا الْخِيَارُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ وَقِيلَ تَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا أَوْ عُقُودًا مُخْتَلِفَةً بَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عُقُودًا حَتَّى لَا تَزِيدَ مُدَّةُ الْخِيَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبَعْضُهُمْ قَالُوا تُعْتَبَرُ عَقْدًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا عُقُودًا فَمَا سِوَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مُضَافًا وَفِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ لَا تُمَلَّكُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا بِالشَّرْطِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْأُجْرَةِ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا آجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا وَفِي الْأَخِيرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْيَتِيمِ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَوَّلِ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَفِي الثَّانِي فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَيَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى غَيْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عَقْدًا وَاحِدًا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا لَا يَتَعَدَّى.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا تُعْتَبَرُ عُقُودًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَعَقْدًا وَاحِدًا فِي حَقِّ مِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَالْحِيلَةِ لِجَوَازِ اسْتِئْجَارِ الدَّارِ إذَا كَانَتْ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَجْعَلَ مَالَ الْإِجَارَةِ بِتَمَامِهِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا هُوَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ يُبْرِئُ وَالِدُ الصَّغِيرِ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ أَجْرِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَصِحُّ إجْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ مَجْمَعًا عَلَيْهِ يُلْحِقُ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَالْحِيلَةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ عَقَارًا أَوْ ضِيَاعًا أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ مَالُ الْإِجَارَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَأَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّارِ لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةً يُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ عِشْرِينَ سَنَةً مِنْ أَوَائِلِ هَذِهِ السِّنِينَ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَيُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ الْعَشْرِ سِنِينَ الْمُتَأَخِّرَةِ أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا فَيَجُوزُ وَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ.
كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْعَشْرِ سِنِينَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَكَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ فِي الْعَقَارِ وَالضِّيَاعِ تَجُوزُ فِي الدَّوَابِّ وَالْمَمَالِيكِ وَكُلِّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ لِمِلْكِ الصَّبِيِّ لَا تَجُوزُ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ فِي رَجُلَيْنِ آجَرَا مِنْ رَجُلٍ دَارًا عَشْرَ سِنِينَ فَخَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُخْرِجَاهُ مِنْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْأُوَلِ بِدِرْهَمٍ وَالشَّهْرَ الْأَخِيرَ بِبَقِيَّةٍ الْأَجْرِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْأَجْرِ إذَا كَانَ لِلشَّهْرِ الْأَخِيرِ فَهُمَا لَا يَخْرُجَانِهِ مِنْ الدَّارِ وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجُوا الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ الْمَرْسُومَةَ بِبُخَارَى وَجَعَلُوا أَجْرَ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ شَيْئًا قَلِيلًا وَجَعَلُوا مُعْظَمَ الْأَجْرِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ قَالَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ بِكَذَا غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إذَا جَعَلُوا أَيَّامَ الْفَسْخِ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَالْإِجَارَةُ فِي نِصْفِ الشَّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَيَّامِ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ بِالْأَيَّامِ وَالْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ فَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ السَّنَةَ بِالْأَيَّامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آخِرَ السَّنَةِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إذَا جَاءَتْ أَيَّامُ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ وَحِيلَةٌ أُخْرَى يَفْسَخُ مُضَافًا وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى دَفْعًا لِلْحَرَجِ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ آجَرَ الْأَرْضَ إجَارَةً طَوِيلَةً مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَزَارِعِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ كَانَ الْعَامِلُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ رَضِيَ الْعَامِلُ وَهُوَ الْمَزَارِعُ بِذَلِكَ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَتَنْفُذُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ ثُمَّ آجَرَ غَيْرَهُ فَرَضِيَ بِهِ الْأَوَّلُ حَيْثُ تَنْفُذُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْأَوَّلِ وَهُنَا لَا تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَزَارِعِ لِأَنَّ فِي الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْإِجَارَةِ يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ فَلَا تَنْفُذُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ آجِرْنِي دَارَك هَذِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً بِكَذَا فَقَالَ آجَرْت وَأَمَرَ صَاحِبُ الدَّارِ الْكَاتِبَ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ فَكَتَبَ عَلَى الرَّسْمِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ آخَرُ وَدَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالَ الْإِجَارَةِ إلَى الْآجِرِ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا إجَارَةٌ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِسُكْنَى الدَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا اسْتَأْجَرَ وَقْفًا مِنْ الْأَوْقَافِ مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجُوزُ شَرْطُهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ لَا مَحَالَةَ وَلَا يُفْتَى بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ فَحِينَئِذٍ يُؤَاجِرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَا أُجَوِّزُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا أُجَوِّزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ كَانَ يَقُولُ فِي الضِّيَاعِ نُفْتِي بِالْجَوَازِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَفِي غَيْرِ الضِّيَاعِ نُفْتِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَوْضِعِ ثُمَّ إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جَازَ فَرَخُصَتْ أُجْرَتُهَا لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَإِذَا ازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيُجَدَّدُ عَلَى مَا ازْدَادَ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى لِمَا مَضَى وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالَةٍ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِأَنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ فَإِلَى وَقْتِ الزِّيَادَةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِحِسَابِ ذَلِكَ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا وَزِيَادَةُ الْأَجْرِ إنَّمَا تُعْرَفُ إذَا ازْدَادَتْ عِنْدَ الْكُلِّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَّا فِي الْأَمْلَاكِ فَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ رَخُصَ أَجْرُ مِثْلِهَا أَوْ غَلَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ آجَرَ مَنْزِلًا كَانَ وَالِدُهُ وَقَفَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَآجَرَهُ هَذَا الرَّجُلُ إجَارَةً طَوِيلَةً وَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ هَذَا الْوَقْفِ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا يَكُونُ الْمُؤَجِّرُ غَاصِبًا وَكَانَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْآجِرِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّيًا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْعِمَارَةِ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مِائَةَ سَنَةٍ مِنْ رَجُلٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُمَا بَاشَرَا لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ إقْرَارِهِمَا بِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَكُونُ الْمَالُ حَلَالًا لَهُ هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ.
كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا مُقَاطَعَةً مُدَّةً قَصِيرَةً سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً مَرْسُومَةً لَا شَكَّ أَنَّ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ لَا تَجُوزُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْقَصِيرَةِ وَهَلْ تَجُوزُ فِيمَا وَرَاءَهَا فَمَنْ جَعَلَهَا عَقْدًا وَاحِدًا يَقُولُ لَا تَجُوزُ وَمَنْ جَعَلَهَا عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً يَقُولُ تَجُوزُ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ كَرْمًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَقَبَضَهَا وَآجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ مُقَاطَعَةً كُلَّ سَنَةٍ شَهْرًا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي وَجَدَ الْأَشْجَارَ قَدْ احْتَرَقَتْ مِنْ الْبَرْدِ وَلَمْ يَجِدْ آجِرَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ أَيَّامَ الْفَسْخِ وَحَضَرَ آجِرُهُ وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ وَطَلَبَ مَالَ الْمُقَاطَعَةِ وَأَبَى الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي وَاعْتَلَّ بِعِلَّةِ أَنَّ الْأَشْجَارَ مُحْتَرِقَةٌ سُمِعَ مِنْهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْمُقَاطَعَةِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ كَانَ آجِرُهُ حَاضِرًا حَتَّى أَمْكَنَهُ الرَّدُّ وَلَمْ يَرُدَّ لَا يَسْقُطُ مَالُ الْمُقَاطَعَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا آجَرَ دَارِهِ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ رَدَّهَا بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِأَنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَائِبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ إذَا حَضَرَ الْمُؤَجِّرُ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَمِلَ فِي الدَّارِ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
الْآجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجِرَ ثُمَّ جَاءَ مُدَّةُ الْخِيَارِ هَلْ يَنْفُذُ بَيْعُهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَهُوَ كَمَا لَوْ آجَرَ إجَارَةً مُضَافَةً ثُمَّ بَاعَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْإِضَافَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ عِنْدِي لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْفُذُ بَيْعُهُ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
آجَرَ الدَّارَ إجَارَةً طَوِيلَةً بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا وَسَلَّمَ الدَّارَ ثُمَّ بَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَمَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى هَذِهِ الدَّارِ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهَا وَلَهُ وِلَايَةُ الْحَبْسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ دُونَ الْبَيْعِ فَبَقِيَتْ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَدَّى الْأُجْرَةَ وَقَبَضَ الدَّارَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ أَجَازَ بَيْعَهَا وَمَالُ الْإِجَارَةِ عَشَرَةٌ وَالثَّمَنُ خَمْسَةٌ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَجْلِ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وِلَايَةُ الْحَبْسِ أَيْضًا وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الدَّارِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَمَاتَ الْآجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ إنَّ وَارِثَ الْآجِرِ آجَرَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُوَرِّثِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ انْفَسَخَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ بَيْنَ وَارِثِ الْآجِرِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ بِالْمِائَةِ إلَّا أَنَّ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ هَذِهِ الدَّارُ وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَيُطَالِبُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ لَا بِالْمِائَةِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا آجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ آجَرَ مِنْ آخَرَ إجَارَةً طَوِيلَةً لَا تَجُوزُ وَلَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً بَعْدَمَا انْفَسَخَتْ الْأُولَى بِفَسْخِهَا وَأَنَّهُ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مُضَافٌ وَفِي صِحَّةِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ وَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ دَلِيلُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى كَالْبَيْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ إنَّ الْآجِرَ نَقَضَ بِنَاءَهَا بِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ جَدَّدَ بِنَاءَهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاقِيَةً بِبَقَاءِ الْأَصْلِ.
كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِجَارَةٍ الطَّوِيلَةِ مِنْ غَيْرِهِ يُبَيِّنُ الْأَيَّامَ الْمُسْتَثْنَاةَ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ مَثَلًا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَيَسْتَثْنِي فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ نَصًّا لِيَتَبَيَّنَ الدَّاخِلُ مِنْ الْأَيَّامِ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ الدَّاخِلِ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ وَهَذَا إذَا كَتَبَ ذِكْرَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا كَتَبَ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ فَذَكَرَ فِيهِ سِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورِ فِيهِ يَكْفِي لِجَوَازِ الْعَقْدِ الثَّانِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا إجَارَةً طَوِيلَةً صَحِيحَةً بِدَنَانِيرِ دَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ فَأَعْطَاهُ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ فَالْآجِرُ يُطَالِبُ بِالدَّنَانِيرِ لَا بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُطَالِبُ الْآجِرُ بِإِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا غَرَسَ الْآجِرُ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْكَرْمِ فِي الطَّوِيلَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَإِذَا قَلَعَ الْآجِرُ الْأَشْجَارَ أَوْ كَسَرَ الْأَغْصَانَ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْعَ لِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا الْبَيْعِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الثَّمَنِ لَا فِي حَقِّ الشَّجَرِ وَلَوْ احْتَطَبَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ فِي بَيْعِهِ.
كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
اسْتَأْجَرَ أَرْضًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَاشْتَرَى الْأَشْجَارَ لِيَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ ثُمَّ أَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ ثُمَّ فَسَخَاهَا فَالثِّمَارُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ قَطَعَ الْأَشْجَارَ ثُمَّ تَفَاسَخَا فَهِيَ لِلْآجِرِ وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ ضَرُورِيٌّ لِجَوَازِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَاتِّ وَلَوْ أَتْلَفَ الْآجِرُ الْأَشْجَارَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَوْ قَطَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَالْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ الْآجِرُ.
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
اسْتَأْجَرَ الْكَرْمَ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ دَفَعَهَا مُعَامَلَةً إلَى الْآجِرِ إنْ كَانَتْ طَوِيلَةً بِطَرِيقِ بَيْعِ الْأَشْجَارِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْمَالِكِ مُعَامَلَةً لَا تَجُوزُ.
كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ كَرْمًا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ كَانَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بَاعَ الْأَشْجَارَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرْمِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي الْكَرْمِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا مَاتَ الْآجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِثَمَنِ الْمُسْتَأْجَرِ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَالْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً بِسَبَبٍ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا وُهِبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ مِنْ الْآجِرِ قَبْلَ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ صَارَتْ مِلْكًا لِلْآجِرِ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يَكُونُ هِبَةَ مِلْكِ الْآجِرِ مِنْ الْآجِرِ كَذَا فِي الصُّغْرَى.
اسْتَأْجَرَ سَفَّانًا لِيَتَّخِذَ لَهُ سَفِينَةً مِنْ خَشَبِهِ فِي عَرْضِ اثْنَيْ عَشَرَ شِبْرًا بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَقَالَ السَّفَّانُ إنَّ خَشَبَكَ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْعَرْضِ فَأْذَنْ لِي أَنْ أُزِيدَ شِبْرًا أَوْ أُنْقِصَ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فَاِتَّخَذَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شِبْرًا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالزِّيَادَةِ.
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ مَعَ آجِرِهِ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ الْأُولَى هَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَالْمُزَارَعَةُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَيَّامُ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ سَنَةٍ ثَمَانِينَ وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ):

يَجُوزُ الِاسْتِصْنَاعُ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَتَعَارُفِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالِاسْتِصْنَاعُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ وَالْعَمَلُ مِنْ الصَّانِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ لَا مِنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إجَارَةً وَلَا يَكُونُ اسْتِصْنَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ الِاسْتِصْنَاعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَيَسْتَصْنِعَ الْبَائِعَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَدِيمَ وَيَأْمُرَ الْبَائِعَ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ خُفًّا يَصِفُ لَهُ قَدْرَهُ وَعَمَلَهُ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِصْنَاعِهِ مِثْلُ آنِيَةِ الزُّجَاجِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ وَالْقِدْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَلَنْسُوَةِ وَأَشْبَاهِهَا إذَا بَيَّنَ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ هَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ثُمَّ إذَا رَضِيَهُ الْمُسْتَصْنِعُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلصَّانِعِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْضَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ.
كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى حَائِكٍ فِي ثَوْبٍ مِنْ قُطْنٍ يَنْسِجُهُ لَهُ وَسَمَّى طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَجِنْسَهُ وَرُقْعَتَهُ وَالْغَزْلُ مِنْ الْحَائِكِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا يَصِيرُ سَلَمًا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ سَلَمًا وَفِيمَا لَا تَعَامُلَ لِلنَّاسِ فِيهِ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقُدُورِيِّ، وَإِنْ ضَرَبَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَجَلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَيْسَ بِسَلَمٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ وَبَيْنَ مَا لَا تَعَامُلَ لَهُمْ فِيهِ فَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ يَصِيرُ الِاسْتِصْنَاعُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَنَوَيْنِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ لِيَضُمَّ إلَيْهِ مَنَوَيْنِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَيَنْسِجَهُ وَيَرْفَعُ أَجْرَ النَّسْجِ وَالْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً مِنْ الرِّبْحِ إنْ لَمْ يَخْلِطْ وَنَسَجَ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْإِبْرَيْسَمِ، وَإِنْ خَلَطَ وَنَسَجَ الْكُلَّ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ.
كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
رَجُلٌ سَلَّمَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَزْلِ رَطْلًا مِنْ عِنْدِهِ وَقَالَ أَقْرِضْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ ثَوْبًا عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِقْرَاضُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِك فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي غَزْلًا وَسَكَتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا وَيَكُونُ قَرْضًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ رَبِّ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الْحَائِكِ بَعْدَمَا فَرَغَ الْحَائِكُ مِنْ الْعَمَلِ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ لَا بَلْ زِدْتُ وَالثَّوْبُ مُسْتَهْلَكٌ بِأَنْ بَاعَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَزْنَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِكَ زَادَ فِي الْغَزْلِ وَعَلَى الْحَائِكِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الثَّوْبِ عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَيَلْزَمُ رَبَّ الثَّوْبِ ذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَمَّا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ زِدْ رَطْلًا مِنْ غَزْلِك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك ثَمَنَ الْغَزْلَ وَأَجْرُ عَمَلِك كَذَا دِرْهَمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ زِدْت فِيهِ مَا أَمَرْتنِي أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا سَمَّى لِلْحَائِكِ بَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُ بِإِزَاءِ ثَمَنِ الْغَزْلِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَ الْغَزْلِ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الثَّوْبِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقْسِمَ الْمُسَمِّي عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَذَلِكَ عَمَلُهُ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْغَزْلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْحَائِكِ لِأَنَّهُ قَبِلَ الْمُسَمَّى بِالْغَزْلِ وَبِالْعَمَلِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ لِأَنَّ مَنًّا مِنْ الْغَزْلِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَنَصَّفَ مَنٍّ اشْتَرَطَ مِنْهُ فَيَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَهُ وَمَا أَصَابَ الْعَمَلُ وَهُوَ أَجْرُ الثَّوْبِ يَلْزَمُهُ حَتَّى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَثَلًا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ الْغَزْلِ وَبِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَقِيمَةُ الْغَزْلِ دِرْهَمٌ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ دِرْهَمَانِ مِنْ الْمُسَمَّى يَطْرَحُ عَنْهُ دِرْهَمَ ثَمَنِ الْغَزْلِ فَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا لَمْ يَعْمَلْ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ أَجْرِ مِثْلِ الْعَمَلِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَيْفَ يَتَعَرَّفُ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْأَجْرِ مِمَّا عَمِلَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَرَّفُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إنْ كَانَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنًّا مِنْ غَزْلٍ وَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَنٍّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ ثَمَنِ الْغَزْلِ وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ مَا عَمَلِ وَثُلُثُهُ بِإِزَاءِ مَا لَمْ يَعْمَلْ فَيَطْرَحُ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا يَعْتَبِرُ السُّهُولَةَ وَالصُّعُوبَةَ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَتَعَرَّفُ قَدْرَ السَّاقِطِ مِنْ الْقَائِمِ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الْحَائِكِ بِطُولِ الثَّوْبِ وَيَصْعُبُ بِصِغَرِهِ فَإِنَّهُ مَتَى قَصُرَ يَحْتَاجُ إلَى الْوَصْلِ وَإِلَى عَمَلِ الدَّقِيقِ مِرَارًا وَمَتَى طَالَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا التَّفَاوُتُ مُعْتَبَرٌ فِيمَا بَيْنَ الْعَمَلَةِ مِنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَنُقْصَانِهِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمَا وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا يَجِبُ أَنْ يُقَسِّمَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ فَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَفِي مَنٍّ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَطْرَحُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ نِصْفَ دِرْهَمٍ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ بِذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفَاوُتِ عِبْرَةٌ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ ثُمَّ مَاذَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْغَزْلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ هَالِكًا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ وَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا وَقَدْ عَرَفَ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْغَزْلِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنٌّ فَإِنَّهُ يُوزَنُ الثَّوْبُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ وُزِنَ فَإِذَا هُوَ مَنٌّ وَاحِدٌ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ بِيَقِينٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مَنَوَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِكِ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَإِنْ قَالُوا قَدْ يَزِيدُ الدَّقِيقُ مِثْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالُوا الدَّقِيقُ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ صَارَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْحَائِكِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ سِمْسِمًا وَقَالَ أَقْشِرْهُ وَرُبَّهُ بِبَنَفْسَجٍ وَلَك دِرْهَمٌ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ مَجْهُولٌ قَدْرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَيَكُونُ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْبَنَفْسَجِ مَعْلُومًا عِنْدَ التُّجَّارِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْعُصْفُرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَ حَدِيدًا إلَى حَدَّادٍ لِيَصْنَعَهُ عَيْنًا سَمَّاهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَجَاءَ بِهِ الْحَدَّادُ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ صَاحِبُ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ خَالَفَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ فَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَع مِنْهُ قَدُومًا فَصَنَعَ لَهُ مَرًّا ضَمِنَ لَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَالْإِنَاءُ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ لِلنَّجَّارِ فَصَنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَصَاحِبُ الْحَدِيدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَتَرَكَ الْقَدُومَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدُومَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا سَلَّمَهُ إلَى كُلِّ صَانِعٍ لِيَصْنَعَ مِنْهُ شَيْئًا سَمَّاهُ كَالْجِلْدِ يُسَلِّمُهُ إلَى إسْكَافٍ لِيَصْنَعَهُ خُفَّيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَسُئِلَ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى سَرَّاجٍ بَعْضَ آلَاتِ السَّرْجِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَّخِذَ سَرْجًا بِهَذِهِ الْآلَاتِ وَبِآلَاتٍ أُخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِإِتْمَامِ السَّرْجِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَثَمَنَ مَا جَعَلَهُ فِي سَرْجِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ السَّرَّاجُ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَرَضِيَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ هَذَا فَنَقَدَ خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَوْلَى بَعْضُ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَالْأَتْرَاكِ عَلَى ذَلِكَ السَّرْجِ وَغَيَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ هَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ السَّرَّاجَ قِيمَةَ سَرْجِهِ فَقَالَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ وَالْآلَاتِ مُسَلَّمَةٌ إلَيْهِ قَالَ وَمَعَ هَذَا إذَا فَرَغَ مِنْ السَّرْجِ فَاتَّصَلَتْ الْآلَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَاتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ فَيَجُوزُ.
كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ جِلْدًا إلَى الْإِسْكَافِ وَاسْتَأْجَرَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنْ يَخْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ وَسَمَّى لَهُ الْمِقْدَارَ وَالصِّفَةَ عَلَى أَنْ يُنَعِّلَهُ الْإِسْكَافُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَوَصَفَ لَهُ الْبِطَانَةَ وَالنَّعْلَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيُخَيِّطَ لَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَسْأَلَةَ الْجُبَّةِ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَسْأَلَةَ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ وَقَاسَهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى خُفًّا وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَنْعِلْهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِك فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِطَانَةً وَقَالَ ظَهِّرْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَوَّزَ هَذَا التَّصَرُّفَ، وَإِنْ لَمْ يُرِ صَاحِبَ الْجِلْدِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَصَرَفَهُ إلَى نَعْلٍ وَبِطَانَةٍ يَلِيقَانِ بِذَلِكَ الْخُفِّ وَكَذَا إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ إسْكَافًا أَنْ يَخْرِزَ عَلَى خُفَّيْهِ وَمُكَعَّبَيْهِ أَرْبَعَ قِطَعٍ مِنْ صَرْمٍ بِكَذَا وَلَمْ يَرَ الرَّجُلُ الْقِطَعَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا.
وَكَذَا تَرْقِيعُ الْخِرَقِ فِي الْخِفَافِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى الْإِسْكَافُ الرِّقَاعَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ شَرَطَ الْإِرَاءَةَ فِي النَّعْلِ وَهَكَذَا فِي الْقِطَعِ الْأَرْبَعِ وَهَكَذَا فِي تَرْقِيعِ الْخِرَقِ فَإِذًا فِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا جَازَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا عَمِلَ الْإِسْكَافُ وَأَتَى بِهِ إنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا مُقَارِبًا لَا فَسَادَ فِيهِ أُجْبِرَ صَاحِبُ الْجِلْدِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْمُقَارَبَةَ لِلُّزُومِ لَا حَقِيقَةِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِلْدِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَلَا فِي حَقِّ النَّعْلِ هَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا مُقَارِبًا صَالِحًا فَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا أُمِرَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْجِلْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ جِلْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَإِنْ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْخُفَّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرِ مُنَعَّلٍ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْخُفِّ مُخَرَّزًا غَيْرَ مُنَعَّلٍ وَإِلَى قِيمَتِهِ مُنَعَّلًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُنَعَّلٍ عَشَرَةً وَقِيمَتُهُ مَنْعَلًا اثْنَيْ عَشَرَ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ دِرْهَمَانِ فَيَكُونُ دِرْهَمَانِ قَدْرَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرَ مُنَعَّلٍ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً مَثَلًا يُضَمُّ إلَى قِيمَةِ مَا زَادَ فَيَصِيرُ خَمْسَةً ثُمَّ يُقَابِلُ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَلِلْإِسْكَافِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُ أَرْبَعَةً وَإِذَا اعْتَبَرَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ لَا يَعْتَبِرُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ النَّعْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ خُفًّا مُخَرَّزًا إلَى إسْكَافٍ لِيُنَعِّلَهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ لَا يُنَعَّلُ بِهِ حَتَّى أَفْسَدَ الْخُفَّ بِذَلِكَ وَثَبَتَ لِصَاحِبِ الْخُفِّ الْخِيَارُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى وَهُنَا أَوْجَبَ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ قِيمَةَ مَا زَادَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَالْمُتَّصِلُ بِخُفِّهِ لِلْإِسْكَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَيْنُ مَالٍ وَعَمَلٍ ثُمَّ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْجَبَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ.
وَفِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَوْجَبَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَمَنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ ذِكْرًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ ثُمَّ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ وَقَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَمْكَنَ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُمْكِنْ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِيمَا يَخُصُّ الْعَمَلَ فَأَمَّا مَا يَخُصُّ النَّعْلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِي حَقِّ النَّعْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى قَلَانِسِيٍّ قِطْعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ قَلَنْسُوَةً بِبِطَانَةٍ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَإِنْ جَاءَ بِهِ غَيْرَ جَيِّدٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْجَيِّدَ فَيُخَيَّرُ.
كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَإِذَا اسْتَصْنَعَ الرَّجُلُ خُفًّا عِنْدَ إسْكَافٍ فَعَمِلَهُ وَفَرَغَ مِنْهُ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ هَذَا لَيْسَ عَلَى الْمِقْدَارِ وَالْخَرْزِ وَالتَّقْطِيعِ الَّذِي أَمَرْتُك بِهِ وَقَالَ الْإِسْكَافُ بَلْ بِهَذَا أَمَرْتنِي وَأَرَادَ الْإِسْكَافُ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَ الْمَالِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّبَّاغِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا صَبَغَ كَانَ بِأَمْرِهِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ صَاحِبِ الثَّوْبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى إسْكَافٍ أَدِيمًا لِيَقْطَعَ لَهُ خُفًّا وَيَخْرِزَهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ بِدِرْهَمَيْنِ إنْ أَعْطَاهُ وَأَدَّاهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ عَمِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ بِهَا.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ خُفَّهُ إلَى رَجُلٍ لَيُنَعِّلَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ يُنَعَّلُ بِمِثْلِهِ الْخِفَافُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَيِّدًا وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ الْجُودَةَ فَأَتَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَيِّدِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ جَيِّدًا فَنَعَّلَهُ بِغَيْرِ جَيِّدٍ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخُفِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى.
كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجْرِ بِأَنْ قَالَ الْإِسْكَافُ شَرَطْت لِي دِرْهَمًا وَقَالَ رَبُّ الْخُفِّ شَرَطْت لَك دَانِقَيْنِ وَقَدْ خَرَزَهُ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوَابَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُحَكِّمَ فِي ذَلِكَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا وَيَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ قِيمَةُ النَّعْلِ كَمَا فِي الصَّبْغِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ النَّعْلِ دِرْهَمًا كَمَا يَدَّعِيهِ الْإِسْكَافُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ تَشْهَدُ لِصَاحِبِهِ بِأَنْ كَانَتْ دَانِقَيْنِ كَمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُ الْخُفِّ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ لَا تَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ قَالَ صَاحِبُ الْخُفِّ عَمِلْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْإِسْكَافُ لَا بَلْ عَمِلْته لَك بِأَجْرٍ أَنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَجْرَيْنِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ قَالَ وَلَوْ عَمِلَ الْخُفَّ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا ثُمَّ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْإِسْكَافِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ لِنَجَّارٍ ابْنِ لِي بَيْتًا فَإِذَا بَنَيْته يُقَوِّمُهُ الْمُقَوِّمُونَ فَمَا يَقُولُونَ نَدْفَعُهُ إلَيْك فَرَضِيَا بِهِ وَبَنَاهُ وَقَوَّمَهُ رَجُلٌ بِاتِّفَاقِهِمَا وَأَبَى الصَّانِعُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَحِمْيَرٌ الْوَبَرِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَوِّمِ لَا الْحَكَمِ يَعْنِي فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْوِيمُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَقَالَ زِدْ عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ يَكُونَانِ قَرْضًا عَلَيَّ وَصُغْهُ قَلْبًا وَأَجْرُك دِرْهَمٌ فَصَاغَهُ وَجَاءَ بِهِ مَحْشُوًّا وَقَالَ زِدْت عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْفِضَّةِ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا يُخَيَّرُ الصَّائِغُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْقَلْبَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةَ دَوَانِقِ دِرْهَمٍ أَجْرَ الْعَشَرَةِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَأَخَذَ الْقَلْبَ لِأَنَّ الصَّائِغَ يَدَّعِي عَلَى صَاحِبِ الْفِضَّةِ قَرْضَ دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَصَاحِبُ الْقَلْبِ يَدَّعِي عَلَى الصَّائِغِ اسْتِحْقَاقَ الْقَلْبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى مُذَهِّبٍ لِيُذَهِّبَهُ بِذَهَبٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرَاهُ الْمُذَهِّبُ أُنْمُوذَجًا مِنْ الْأَعْشَارِ وَالْأَخْمَاسِ وَرُءُوسِ الْآيِ وَأَوَائِلِ السُّوَرِ فَأَمَرَهُ رَبُّ الْمُصْحَفِ أَنْ يُذَهِّبَهُ كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مِقْدَارَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَجْهُولٌ.
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يُخَيِّطَهُ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ جَاءَ إلَى حَذَّاءٍ بِشِرَاكَيْنِ وَنَعْلَيْنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْذُوهُمَا لَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاكَيْنِ فَأَرَاهُمَا إيَّاهُ وَرَضِيَهُ ثُمَّ حَذَاهُمَا لَهُ كَانَ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَصَبَغَهُ بِمَا سَمَّى إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا تَعَيَّنَ بِهِ فَإِنْ أَشْبَعَ أَوْ قَصَّرَ فِي الْأَصْبَاغِ حَتَّى تَعَيَّبَ الثَّوْبُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَكُونَ كُمُّ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ فَاسِدًا لِانْعِدَامِ الْعُرْفِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَنَّاءِ أَنْ يَكُونَ الْآجُرُّ وَالْجِصُّ مِنْ عِنْدِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَشْتَرِطُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ قِبَلِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَإِذَا عَمِلَهُ فَالْعَمَلُ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ مَعَ قِيمَةِ مَا زَادَ.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.